فتاتي من المراهقة للنضج
| ||
تتسرع في اتخاذ القرارات، تستعجل النتائج، يتملكها الغضب، إذا أحبت تفرط في المحبة، وإذا أبغضت تفرط في الكراهية، تجنح إلى الخيال، وتفرط في أحلام اليقظة، تمعن النظر في الماضي، وتقف كثيرًا عند الحدث الحالي، وتخاف من المستقبل......
كل ما سبق وأكثر هو قرين مرحلة المراهقة التي تمر بها الفتاة، فكما أن جسدها ينمو، وعقلها ينمو، فكذلك انفعالاتها تنمو، فمن ثم يختلف استقبالها للأحداث، وتناولها للأمور، ونظرتها لنفسها والآخرين عن مرحلة الطفولة البسيطة النائية عن الصراعات النفسية والخارجية.
إن تفهم الفتاة طبيعة المرحلة التي تمر بها يعتبر إلى حد بعيد صمام أمان لها، حيث بمقتضى ذلك الفهم تحسن التعامل مع نفسها ومع الوسط المحيط.
ومن جهة أخرى يتفهم المحيطون بها طبيعتها فيحسنون التعامل معها، ويفرقون بين لوازم مرحلة المراهقة، ولوازم مرحلة الطفولة، فكل منهما يفرض توجهات معينة في التعامل مع الفتاة المراهقة.
وهذه التغيرات الانفعالية أو ما يسمى بالنمو الانفعالي, لها عدة عوامل تصيغها في هذا الشكل، فمنها:
أولًا: التغيرات الفسيولوجية:
فانفعالات الفتاة تتأثر بنموها العضلي الداخلي، كنمو الغدد الصماء، ونشاط الغدد التناسلية، بينما تضمر بعض الغدد التي كانت نشطة في مرحلة الطفولة، وأكد العلماء على أن "لهذه المظاهر آثارها النفسية الانفعالية كما تدل على ذلك أبحاث دافيد سن وجوتليب، التي أجرياها على طائفتين من الفتيات تتساويان في أعمارهما الزمنية، وتختلفان في بلوغهما، فالجماعة الأولى تتكون من الفتيات البالغات، والثانية من غير البالغات، ولقد أثبتت نتائج هذا البحث أهمية العوامل الفسيولوجية في انفعالات المراهقة، ومدى تأثيرها في المثيرات والاستجابات الانفعالية، وتتأثر انفعالات المراهقة أيضًا بالتغيرات الخارجية التي تطرأ على أجزاء جسمها" [الأسس النفسية للنمو من الطفولة إلى المراهقة. فؤاد البهي السيد بتصرف يسير].
ثانيًا: العلاقات الأسرية:
فالجو العام لحياة الأسرة، وطبيعة العلاقات بين أفرادها له تأثير كبير على المراهقات، فجو المشاجرات والمشاحنات الذي تنشأ الفتاة في ظلاله منذ الطفولة يعوق اتزانها النفسي، وكذلك يعرضها للشعور بالحرمان، والتسلط والتعسف في المعاملة، وسيادة لغة الأنانية أو العنف في الأسرة، كل ذلك قد يجعل الفتاة في ظلال هذه المرحلة تثور على البيئة المنزلية، وإما تكبت هذه الثورة في أعماقها وتكون عرضة للصراع النفسي.
والفقر العاطفي، والضغوطات، وفقدان الحنان، قد يسبب كل ذلك انحرافًا عاطفيًا لدى الفتاة، فتجنح لعلاقة عاطفية مع شاب كتعبير عن حاجتها للعاطفية، وفي ذلك يقول د/يوسف بن عبد الله الأحمد أستاذ الفقه المساعد بكلية الشريعة بالرياض,جامعة الإمام:"وأكثر الفتيات اللواتي يقبض عليهن وهن في سن المراهقة؛ يبررن خروجهن مع الشباب بسبب الضغط الذي تعانيه من والديها,ولذلك فإنه من المهم أن يدرك الأبوان طبيعة سن المراهقة، وأنه لا يكاد أن يسلمَ المراهقون من كثرةِ لومِ الأبوين، فتشعر المراهقة كثيرًا بأنها مظلومة ومضطهدة,فإذا أدرك الأبوان ذلك عرفوا كيف يتعاملون مع أبنائهم وبناتهم بلغة المحبة والعاطفة والتفاهم والحوار والإقناع.
ومن القضايا المؤلمة في المنطقة الغربية: فتاةٌ عمرها ثمانيةَ عشرَ عامًا، كانت تعاني من أهلها ومشاكل بيتها، ثم تعلقت بأحد الشباب، وعلقت عليه جميع الآمال، وظنت أن حياةَ الراحةِ والاستقرار لن تكون إلا معه، ولشدةِ هيامهِا في ذلك الشاب اتخذت قرار الهروب من بيت أهلها إليه وهو في مدينة أخرى، ولما استقرت عنده، تحول من حمل وديع إلى ذئب مفترس وأسكنها في عزبة للشباب، واعتدى عليها" [محاضرة بعنوان الانحراف العاطفي] .
ثالثًا: القدرات العقلية:
"تتحدد إمكانات المراهقة الجسمية والعقلية مع ازدياد النمو....ويصل الذكاء إلى أقصى نموه، وتكتشف القدرات، وتتضح الميول، كما تتضح الصفات المزاجية والاجتماعية، وتنمو قدرة المراهقة على التذكر والتخيل مما يدفعها إلى ممارسة نواحي الفنون تجربها واحدًا تلو الآخر، ومع نمو الذكاء تنمو بالتالي العمليات العقلية العليا، فتجعل المراهقة تميل إلى دراسة العلة والمعلول لأي ظاهرة تتعرض لها، وربط الأسباب بالنتائج، ثم التفسير المنطقي للظواهر" [المراهقون وأساليب معاملتهم. د/ كاميليا عبد الفتاح, بتصرف يسير].
وبهذا الإسراع في النمو العقلي لدى المراهقة، يتغير إدراكها للعالم من حولها، ومن ثم تتغير انفعالاتها عن مرحلة الطفولة، حيث أنها تصبح أكثر فهمًا وإدراكًا لمن حولها، وأكثر قدرة على تفسير الأحداث.
رابعًا: قيم ومعايير الوسط المحيط:
لكل مرحلة تمر بها الفتاة سماتها وخصائصها، فما يؤثر على انفعالاتها في مرحلة الطفولة قد لا يؤثر عليها في مرحلة المراهقة، وما قد يؤذي مشاعرها في الطفولة لا يلزم منه التماثل في مرحلة المراهقة، فتصبح الفتاة يتردد بصرها بالنسبة للسلوك بين هذه الفترة وتلك، فهي تعلم أنه ينبغي عليها التعامل في المجتمع بمتطلبات المرحلة الجديدة.
"وهكذا نرى المراهقة نفسها بين إطارين مختلفين، إطار طفولتها وإطار مراهقتها، وهي لهذا تشعر بالحرج بين أهلها ورفاقها، لشعورها باختلاف سلوكها ومثيراتها، وتخشى أن تشذ بسلوكها الجديد عن إطار الجماعة التي تتفاعل معها، أو تهبط بعيدًا عن معاييرها وقيمها، وتؤثر هذه الخشية في انفعالاتها فتنحو بها أحيانًا نحو الشك في أفعالها وأفعال الآخرين" [الأسس النفسية للنمو من الطفولة إلى المراهقة, بتصرف يسير]
من مظاهر النمو الانفعالي لدى المراهقة:
1- سيطرة الخوف والقلق:
حيث تقلقها نظرات الآخرين لها، وتقلقها معايير الجمال في المجتمع، كما تخاف من الفشل في الحياة الدراسية، وتقلق من أن يتأخر سن الزواج، وتفكر حتى فيما لو تزوجت هل ستنجح هذه الزيجة أم لا، وتخاف دائمًا من المجهول "قد تخاف المراهقة ولا تعرف مما تخاف، حيث يدركها القلق من المجهول، وتتوقع أن شيئًا مؤذيًا سيحدث لها، ولا تدري ما هو هذا الشيء، قد لا يكون لهذا الشيء وجود أصلًا، فهو مجرد توهم سببه الإفراط في الحساسية والعاطفة لديها" [كيف نفهم المراهقين. محمد إسماعيل المقدم].
2- قوة العاطفة:
ومن صورها:الصداقة، فتكون الفتاة شديدة التعلق بزميلاتها وصديقاتها، وإن أحبت صديقة لها أحبتها بشدة، وأخلصت لها وداومت على مرافقتها، وهذا مشاهد في الصحبة بين الفتيات أوضح في الصحبة بين الذكور، وفي المقابل إذا أبغضت فإنها تبغض بإفراط، ومثله سرعة التآلف العاطفي مع الجنس الآخر "عندما ترغب في شيء تسرع إليه وتسعى حثيثًا في طلبه، وتتعجل في اتخاذ القرارات الخطيرة بشأنه، بل إذا أحبت أسرفت وبالغت، تتعلق بمن تحب، وتهيم به، وتضحي من أجله، ويملك عليها لبها، ويستولي على حالها ومخيلتها، وهو حديثها وشغلها الشاغل، وهذا سر شيوع الغرام والهيام في هذه السن" [كيف نفهم المراهقين. محمد إسماعيل]
3- الرهافة:
أي تكون شديدة التأثر بالأحداث وأفعال الآخرين، وذلك بسبب اختلال اتزان الغدد الداخلية، ولأنها يختلف إداركها للعالم من حولها عن ذي قبل، فلذلك لا تمر عليها الأحداث في صورة بسيطة كحال الطفولة، بل تثور في أعماقه استجابته لتلك الانفعالات، "وهو _أي المراهق ذكرًا أو أنثى_ لهذا مرهف الحس في بعض أمره، تسيل مدامعه سرًا وجهرًا، ويذوب أسىً وحزنًا حينما يمسه الناس بنقد هادئ بعيد" [الأسس النفسية للنمو من الطفولة إلى المراهقة].
4- الخيالية:
فنظرًا لقوة استعدادها للتخيل والتصور، فإنها كثيرًا ما تنسج أحلامًا وردية لحياة مثالية، فترى الدنيا بما ترسمه لها عاطفتها الجياشة، وعندما تضع حلولًا فكثيرًا ما تكون بعيدة عن الواقع وظروفه، لذلك يخشى على الفتاة الحالمة من الصدمة التي قد تحدث لها عند بادرة اختلاف في الحياة الزوجية المستقبلية، نظرًا لأنها تحلم بحياة زوجية لا وجود لنمطها على وجه الأرض، ولكن هذا الحديث ليس على إطلاقه، فإن كانت هذه هي الطبيعة النفسية للفتيات، فلا ينفي هذا وجود حالات تختلف، وكذلك يختلف الأمر عند وجود ما يضبط انفعالات الفتاة مثل القيم الدينية.
زهرة ناضجة:
وهذه بعض التوجيهات والإرشادات للفتاة المسلمة، نهدف من خلالها تفقيه زهرة الإسلام بكيفية ضبط انفعالاتها الناجمة عن طبيعة المرحلة التي تعيشها:
ومن يؤمن بالله يهد قلبه:
إن الالتزام بتعاليم الإسلام والانقياد لكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، لهو أكبر ضابط للانفعالات، ومقوم لها، وموجه لها إلى الوجهة الصحيحة، فالفتاة التي تستمسك بالذي أوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم يهدها الله الصراط المستقيم، وتنعم بطمأنينة القلب، وراحة البال، وسعة الصدر، والأمن من مخاوف المستقبل، كيف لا والله سبحانه يقول: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}[التغابن: 11]، ويقول: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد: 28].
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:((من كانت الآخرة همه؛ جعل الله غناه في قلبه, وجمع له شمله, وأتته الدنيا وهي راغمة, ومن كانت الدنيا همه؛ جعل الله فقره بين عينيه, وفرَّق عليه شمله, ولم يأته من الدنيا إلا ما قدِّر له)) [صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي].
وكيف لا تنضبط انفعالاتها وهي تلتزم بدين يضبط العاطفة والانفعالات، فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تغضب))[رواه البخاري]، وهو يقول: ((أحبب حبيبك هونًا ما, عسى أن يكون بغيضك يومًا ما, وأبغض بغيضك هونًا ما, عسى أن يكون حبيبك يومًا ما))[صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي].
كيف لا وزهرة تلتزم بتعاليم دين من صلب أصوله الإيمان بأنه:((ما أصابك لم يكن ليخطئك, وما أخطأك لم يكن ليصيبك)) [صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود].
فبمثل هذا يتحقق النضج الانفعالي لزهرة الإسلام التي رضيت بمحمد صلى الله عليه وسلم مربيًا ومرشدًا وموجهًا.
وماذا بعد الكلام؟
1- كوني واقعية وتعاملي برد فعل غير جانح، مساو لقدر الحدث، ولا تمعني النظر في الأحلام، ووازني بين ما تحلمين به وبين الواقع وظروفه، ولا تفرطي في عواطفك، واعلمي أن الناس لا يخلون من عيوب، فتعاملي معهم وفق هذه الحقيقة.
2- راعي الأولويات في حياتك: وميزي بين أهمية الأمور، ورتبيها في حياتك على حسب الأهمية، ولا تقدمي الأمور الصغيرة على الكبيرة.
3- وجهي نظرك لأهداف بعيدة المدى: فلا تنظري تحت قدميك، وتفهمي قيمتها جيدًا، حتى يسهل عليك تفويت بعض الرغبات الراهنة في سبيل تحقيق أهداف مستقبلية أعظم.
4- تحملي المسئولية ولا تتهربي من المسئوليات، وكوني فعالة، ولا تتعاملي مع الحياة بردود الأفعال، بل اصنعي أنتِ الأفعال.
5- وطني نفسك _ دون مبالغة أو تشاؤم _ على تحمل الإحباط أو الفشل، فهذا وارد، وطالما استفرغتِ الوسع في العمل، فلا تقرعي نفسك.
6- تحكمي في ردود أفعالك، وفكري في العواقب.
إذا كنت لا تقرأ إلا ما يُعجبك فقط .. فإنك إذاً لن تتعلم أبداً
* أهداف رسائلي *
التواصل - رسم الإبتسامه - توعية + جرعة ثقافية
للاحبة بس!
اذا كان هذا يزعجك لا تتردد في أخباري حتى يتم حذفك من القائمة.
إما إذا كان محتوى أحد إيميلاتي لم يعجبك فما عليك إلا حذفه بدون زعل
Bhrooof
Express yourself instantly with MSN Messenger! MSN Messenger
--~--~---------~--~----~------------~-------~--~----~
ई§¤®ღBaHrOoOF gRoUpღ®¤§ई
-~----------~----~----~----~------~----~------~--~---
bhrooof@googlegroups.com للإرسال عبر هذه المجموعة أرسل الرسالة إلى
bhrooof-unsubscribe@googlegroups.com لإلغاء الاشتراك في هذه المجموعة أرسل رسالة إلكترونية فارغة إلى
bhrooof-subscribe@googlegroups.com للاشتراك في هذه المجموعة أرسل رسالة إلكترونية فارغة إلى
a644a@hotmail.com لكتابة موضوع جديد للنقاش في مجموعة بهروووف اكتب اسم الموضوع >>موضوع للنقاش<< ثم قم بإرساله إلى
اذا وجدت صعوبه في ارسال مشاركتك أو في حال وجود اي اقتراح او شكوى او استفسار فأرسلها على العنون التالي :
a644a@hotmail.com
http://groups.google.com/group/bhrooof?hl=ar لخيارات أكثر، الرجاء زيارة المجموعة على
نشكركم لارسالكم وانضمامكم معنا في مجموعة بهروووف على امل ان نحوز على كامل رضائكم
-~----------~----~----~----~------~----~------~--~---
No comments:
Post a Comment